اللغة والفكر

اللغة والفكر

اللغة والفكر يشكلان منظومة متداخلة لا يمكن فصل عناصرها فاللغة ليست مجرد اداة تنقل ما يكون في الذهن بل هي جزء من التكوين الداخلي للفكر نفسه والتفكير كثيرا ما يجري عبر بنيات لغوية تجعل الكلمات والمفاهيم وسيلة لترتيب الخبرة الذهنية وفي المقابل فان بنية اللغة وما تحمله من قواعد ودلالات تحدد نطاق ما يمكن تصوره وفهمه مما يجعل الفكر محاطا باطر اللغة التي يستخدمها الانسان اللغة تتحرك بين عالم الاشياء وعالم الرمز وعالم التجريد فالاشياء هي الواقع المادي المباشر والرمز هو الوسيط الذي يحول هذا الواقع الى اشارات يمكن تداولها ذهنيا والكلمة هنا رمز يتجاوز الشيء في حدوده الملموسة ليحمل معنى عاما اما التجريد فهو ما يسمح للغة ان تتعامل مع مفاهيم لا وجود لها ماديا مثل الحرية او العدالة او اللانهاية وهذه القدرة على التجريد تجعل الانسان يتجاوز اللحظة الملموسة الى فضاء واسع من التصورات اللغة ايضا تمثل العالم لكنها ليست نسخة مطابقة له بل خارطة رمزية تحاكي الواقع وتعيد تنظيمه وبما ان هذه الخارطة ليست حيادية فان تغيير اللغة او اعادة تشكيل مفاهيمها يمكن ان يغير من طريقة التفكير ذاتها ولهذا كانت كل ثورة فكرية او علمية او اجتماعية مسبوقة بثورة لغوية تعيد تعريف الرموز وتبدل دلالاتها هكذا يتضح ان الفكر واللغة يعملان في دائرة مغلقة يتبادل فيها كل طرف تشكيل الاخر والرمز هو الجسر بين العالم الخارجي والعالم الذهني بينما التجريد هو القوة التي تدفع الفكر الى ما وراء المعطيات المباشرة واللغة ليست فقط مرآة للفكر بل هي ايضا مصنعه واداته وشرارة تحوله

Jawad-elyosfi ads